الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد الخبير الدولي في الطاقة لطفي البريكي: تونس لها مخزون طاقي شمسي هام يجب العمل على استغلاله

نشر في  25 أوت 2015  (16:55)

أجرى موقع "الجمهورية" حوارا حصريا مع المهندس والخبير الدولي في الطاقة الدكتور لطفي البريكي حول موضوع الطاقات المتجددة وكيفية استغلالها في تونس. وقد أكد الدكتور البريكي على ضرورة ايلاء الطاقات البديلة الأهمية التي تستحقها بالنظر للتلوث الذي تتسبب فيه الطاقات التقليدية. وأشار محدثنا -على سبيل المثال- إلى ان إستغلال حرارة الأشعة الشمسية الساقطة على مساحة قدرها حوالي 7000 كيلو متر مربع من المناطق الصحراوية يكفي لتوليد الطاقة الكهربائية لدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وتصدير الفائض من الطاقة الكهربائية الى الدول الاوربية. كما اكد ان تونس تتمتع بمخزون طاقي شمسي هام وغيرها من المعلومات التي تطالعونها في الحوار التالي:

ما هو وضع الطاقة في العالم ؟

كانت الطاقة موضوع لقمّتين عالميتين (ريو دي جانيرو + جوهانسبرغ) بسبب الاحتباس الحراري والتلوّث البيئي وقد أكدّ جميع الرؤساء المجتمعون على أهمية اللجوء التقنيات النظيفة مثل وسائل الطاقات البديلة. واليوم تنظر الكثير من الدول إلى "الوقود الاحفوري" بصورة عدائية وتشجْع على الطاقات البديلة إذ أن المحطات التقليدية لانتاج الكهرباء أصبحت غير مجدية تماما بل هي ملوٌثة بطريقة رهيبة للبيئة. ان ثورة الطاقة القادمة سوف تكون أكثر أهمية لأن الطاقة تمثل أهم صناعة في العالم (2 تريليون دولار سنويا).

كيف يمكن لتونس أن تنتصر على عقبات الطاقة المتجددة ؟

يجب إتباع برنامج أكثر ذكاء للإنتقال الطاقي الوطني والذي يعني بالنسبة لي إنتقالا تربويا وتعليميا وتكوينيا وإجتماعيا وإداريا ثم طاقيا.

 ما هي مصادر الطاقة المتجددة في بلادنا؟

الطاقة المتجددة هي الطاقة المولدة من مصدر طبيعي غير تقليدي، مستمر لا ينضب، ويحتاج، فقط إلى تحويله من طاقة طبيعية الى أخرى يسهل استخدامها بواسطة التقنيات العصرية وهي:

1. الطاقة الشمسية التي يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية وطاقة حرارية من خلال آليتي التحويل الكهروضوئية والتحويل الحراري للطاقة الشمسية، وأقصد بالتحويل الكهروضوئية تحويل الإشعاع الشمسي أو الضوئي مباشرة إلى طاقة كهربائية بوساطة الخلايا الشمسية (الكهروضوئية)، وكما هو معلوم هناك بعض المواد التي تقوم بعملية التحويل الكهروضوئية تدعى اشباه الموصلات كالسيليكون والجرمانيوم وغيرها.

2. طاقة الرياح: عندما تهب الرياح على المراوح الهوائية تنتج الطاقة الكهربائية. تعتبر المراوح من التقنيات القديمة التي استعملت في الطواحن ثم بعد ذلك في ضخ المياه، أما الآن فقد تطورت هذه التكنولوجيا وأصبحت تستعمل في إنتاج الطاقة الكهربائية على مستوى عالي

3. طاقة المساقط المائية أو الشلالات الطبيعية: تستخدم مباشرة لتوليد الكهرباء كما هو في شلالات نياغرا بين كندا والولايات المتحدة البحيرات ومجار الأنهار. يتم وضع بوابات للتحكم في كمية المياه المنحدرة منها لتسقط على توربينة مائية لتدور بسرعة كبيرة وتكون على محور التوربينة طاقة حركية و يتم ربط هذه التوربينة مع محور مولد كهربائي فتنتج عنه طاقة كهربائية.

4. طاقة المد والجزر: تستخدم طاقة المد في توليد الكهرباء عن طريق بناء سد عند مدخل الخليج الذي يتمتع بفرق كبير في منسوب الماء بين المد والجزر، وتوضع توربينات توليد الكهرباء عند بوابة هذا السد.

5. طاقة أمواج البحر: طاقة الأمواج السطحية حيث يتم وضع معدات خاصة على سطح الماء فتقوم الأمواج برفعها وخفضها باستمرار. وهذا يؤدي إلى توليد حركة ميكانيكية يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية تنقل عبر كوابل للاستفادة منها. أما طاقة الأمواج العميقة فتشكل فكرة جديدة لإنشاء مراوح أو توربينات تعمل على توليد الطاقة الكهربائية والاستفادة من التيارات تحت سطح البحر.

6. طاقة الكتلة الحيوية وهي الطاقة التي تستمد من المواد العضوية بعد إحراق النباتات ومخلفات الحيوانات والنفايات والمخلفات الزراعية. والنباتات المستخدمة في إنتاج طاقة الكتلة الحيوية يمكن أن تكون أشجاراً سريعة النمو، أو حبوباً، أو زيوتاً نباتية، أو مخلفات زراعية أو نفايات منزلية.

7. الطاقة الغازية أو طاقة الهيدروجين: غير متجددة ولكن يمكن تحويل غاز الهيدروجين إلى شكل آخر من الطاقة ويعتبر الهيدروجين من أكثر العناصر تواجداً في الكون حيث يمثل المادة الخام التي تكونت فيها كل العناصر الأخرى إذ أن الشمس تتكون من الهيدروجين الذي يعتبر من ارخص أنواع الوقود المحضر صناعياً نسبة إلى كمية الطاقة المخزونة فيه.

8. طاقة حرارة جوف الأرض أو الطاقة الحرارية الأرضية: هي طاقة نظيفة تشكل مورداً غير محدود يمكن استخدامه لإنتاج التيار الكهربائي أو استخدامه بشكل مباشر (بدون تحويله إلى كهرباء) وهو أكثر فعالية لتدفئة المنازل من خلال تركيب مضخات على عمق معين تحت سطح الأرض تقوم بامتصاص الحرارة من باطن الأرض وضخها إلى البيوت. وتتم الاستفادة من حرارة باطن الأرض بصورة غير مباشرة عن طريق تحويل الحرارة إلى كهرباء في محطات خاصة بذلك. ولكن يشترط أن تبلغ المياه درجة الغليان 350 درجة مئوية، حتى يكون تشغيل المحطات اقتصادياً. ويمكن الحصول على هذا المستوى من الحرارة عن طريق حقن المياه في مواسير حفر لتصل إلى عمق يزيد على ثلاثة كيلومترات في باطن الأرض. حيث تستغل حرارة البخار في تشغيل توربينات وعندما يبرد البخار ويتكثف إلى ماء، يعاد حقنه مرة أخرى إلى باطن الأرض ليسخن من جديد متحولا إلى بخار. مما سبق يتضح أن هذه المحطات تعتمد على نظام تبريد مغلق وليس مستهلكا للمياه وأنه قابل للتطبيق حتى في المناطق الصحراوية الجافة.

ما هي أنجع أنواع الطاقات الشمسية في تونس؟

أنجع أنواع الطاقات الشمسية في تونس هي تلك التي تنتج الكهرباء ليلا نهارا وهذه المحطات تسمى محطات بخارية ترموديناميكية شمسية.

هل لدينا مخزون طاقي شمسي في تونس لمثل هذه المحطات؟

تونس لديها مخزون طاقي كبير إذ أن كلم² واحد قادر على إنتاج 2،2 تيراواط ساعة سنويا أي ما يعادل 1400000 برميل نفط. كما أشير إلى ان إستغلال حرارة الأشعة الشمسية الساقطة على مساحة قدرها حوالي 7000 كيلو متر مربع من المناطق الصحراوية يكفي لتوليد الطاقة الكهربائية لدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط وتصدير الفائض من الطاقة الكهربائية الى الدول الاوربية.

ماذا تعني بفكرة مشروعك لربط كامل تراب الجمهورية بشبكة حرارية بديلة؟

هي شبكة ماكرو تتكون من 193 ألف شبكة ميكرو والتي تتكون هي من 7800 شبكة فوق الميكرو. وهذه الشبكة هي عبارة عن إنتاج ونقل وإستغلال وتوزيع المياه الصحية الساخنة والمياه الساخنة والحرارة الصناعية أي البخار. وبدون إنجاز هذه الشبكات فإن القطاع الصناعي والخدماتي سوف يبقى محروما من مزايا الطاقات المتجددة الذكية التي بإمكانها جعله منافسا وطنيا ودوليا.

ما هي تحديات المشروع؟

المشروع بحاجة إلى تشريعات قانونية وبعد ذلك يمكن إنجازه إستراتيجيا. ويهدف الى خلق مواطن شغل، جلب الإستثمار، حماية البيئة وجعل تونس دولة غنية فضلا عن تحقيق الأمن الطاقي والغذائي المنشودين.

كيف تقارن الطاقة المتجددة في العالم العربي وفي تونس؟

ان دولاً عربية نفطية كبرى مثل السعودية تقيم بحوثاً لتطوير الطاقة الشمسية علماً ان لديها ما يكفي من النفط لعقود عديدة ولكنها تبحث عن توفير استهلاكها الباهظ المحلي من النفط لتوليد الكهرباء. فالطاقة الشمسية ينبغي الا تكون فقط في متناول الدول الغنية والدول العربية النفطية بل من المهم ان تبدأ الدول العربية غير النفطية في التفكير جدياً بالتقدم في تطوير انتاج هذه الطاقة. ولدى مصر والأردن القليل من المناطق التجريبية لاستخدام الطاقة الشمسية وهناك بعض التجارب القليلة في لبنان ولكن الشمس التي تتمتع بها هذه الدول تستحق اهتماماً كبيراً لتوفير الطاقة الكهربائية مستقبلاً نظراً الى انخفاض كلفة تقنياتها. كما نشير أيضا إلى أن المغرب وقطر والإمارات وموريطانيا وعمان والبحرين وغيرها إنتقلت إلى مرحلة الطاقة المتجددة وذلك بخطى ثابتة ومهنية كبرى.

حاتم نعات